الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

علي محسن يلتقي بالسفراء الأجانب، والسامعي يُــوصِــلُ صوتَ الشباب لحاشد والقياداتُ المعارِضة والشبابُ يؤكدون أن ثورتهم جاءت ضد حاشد وأن محاولة إعادتها إنقلابٌ على تضحياتهم


> يستمرُّ الجَدَلُ الـيَـمَـني بين فرقاء الحياة السياسية على أشده، ليحمل صيغة المتناقضات في المواقف والتراجيديا بين القول والفعل.. إحدى هذه المتناقضات أن الملتحقين بالثورة ممن تحولوا إلى قادة لها من خلال المجلس الوطني يحملون عضويتين متناقضتين، إحداهما تتعلق بالثورة وبالتغيير الذي يطالب به الجميع من خلال عضويتهم في المجلس الوطني، والأخرى تؤكد عملهم بشريحتين وتمسكهم بالنظام وبالنظم التشريعية التي يطالبون بتغييرها من خلال بقائهم وتمسكهم بعضوية مجلس الشورى.
هؤلاء الأعضاء في المجلس الوطني وفي مجلس الشورى لا يخجلون أبداً من الحديث عن الثورة ورحيل النظام الذي هُـــم في الأساس مشرِّعون لتصرفاته في الماضي وإلى أيام الثورة، وحتى اللحظة يصرون على التمسك بعضويتين تحمل تناقضاً بين العمل الثوري والبقاء في أحضان السلطة.. ولم يعلنوا عن تخليهم عن مجلس الشورى حتى يكونوا ثواراً، وكأن اللــَّــه خلقهم هكذا في المجالس وهكذا أُبتلي شعبُنا بهم، ففي الصباح سلطة وفي آخر اليوم معارَضة، ليتنقلوا من مجلس لآخر وكأن الشعب لا يوجد به قادة وسياسيون إلا هؤلاء..
كارثة حين يصور هؤلاء أنفسَهم بأنهم الأجدر لقيادة الـيَـمَـن وتمثيل شعبنا، فلا هُـــم معارضة وقادة لها ولا هُم رجال سلطة.
لا نريد أن نذهب بعيداً، فالضرب في الميت حرام، لكن المعارضة لها رؤية أخرى بعد أن استندت إلى شيوخ القبائل والعسكر الذين لن يؤمنوا بالديمقراطية وبالحزبية وبالتعددية، ربما أرادت الجمعَ بين المتناقضات، لتؤكد أن النظرية التي تقول بأن شيوخ القبائل والعسكر ضد المدنية غيرُ صحيحة، وأن العُضوية في المجلس الوطني الثوري ومجلس الشورى الشرعي المساند للنظام لا تتناقض ولا تتعارض، فالمسألة ليست أكثر من مجرد تسمية، فكلاهما لا يقدمان ولا يؤخران في شيء، وهما في الأساس غير فاعلين على أرض الواقع ولا أحد يأمل منهما شيئاً.
 فَالأحزاب المتناقضة مع برامجها أوكلت مهامها للعسكر ولشيوخ القبائل، في مشهد ليس بالغريب لدى المتابعين، ففي الآونة الأخيرة استقبل اللواء المنشق علي محسن الأحمر عدداً كبيراً من السفراء والمبعوثين الذين كان يُــفترَضُ أن يلتقوا بقيادات أحزاب المعارضة، لكن الخارج يدرك الدور الذي يقوم به علي محسن الذي تعول عليه الأحزاب في إنجاح أهدافها.. بيد أن للشباب رؤية مغايرة، خاصة حركة شباب ٣ فبراير المتواجدة في جَميع ساحات الحرية والتغيير، إذ يرون أن الدور الذي يقوم به علي محسن قد تجاوز ما قاله عن دعم وحماية الشباب المعتصمين، ليكون شريكاً في مأساة كنتاكي، عندما حاول سرقة تقدم الشباب، بخلاف ما كان قد اتفق عليه، لتأتي الأنباء بأنه قام بقمْــع المعتصمين وإحراق الخيام ليتواجد بشكل دوريات استعراضية؛ وأنه الرقم الذي لا يمكن تجاوزه وأنه المحرك الفعلي للساحات، وهو عكس ذلك تماماً.
ويؤكد شبابُ ٣ فبراير للتغيير في إب في بيان صادر عنهم أن الدور المشبوه الذي يقوم به علي محسن والفرقة لا يقل عن ما تتعرض له ساحاتُ الحرية والتغيير في صنعاء وتعز.. كما أن ما ذكره عن حماية المعتصمين كان مبرراً للنظام ليقوم بقصف الساحات ليسقط العشرات من الشهداء والجرحى، وهو ما يجعل الشباب يواصلون المطالبة بإخراج الفرقة والمسلحين القبَــليين من جَميع الساحات، فالشبابُ وحدَهم مَن يحمون ثورتهم، ومن باستطاعتهم تحقيقُ أهدافها بسلميتهم التي يستمدونها من مطالبهم المشروعة.
ودعوا الأحزابَ السياسية وكل قوى الثورة للعمل على التمسك بالخيار السلمي وعلى ضرورة التمسك بذلك الخيار، فإن من الواجب طرد جميع المسلحين من الساحات، فهؤلاء أصبحوا عبئاً ثقيلاً على الثورة، ويهددون سلميتها التي من خلالها كسب الشباب تعاطفَ الشعب، لكن تواجد المسلحين في الساحات السلمية كان له أثر كبير في تراجع الزخم الثوري، بعد أن أراد شيوخ القبائل والقيادات العسكرية المنشقة الزج بالثورة وبالشباب إلى العنف ليحتموا بهم بدلاً عن حمايتهم، وما سقوط الشهداء من الشباب السلميين إلاَّ دليلٌ على ما نطرحه.
وأضاف البيان: إن تمسك البعض بالقيادات العسكرية المتورطة في جرائم ارتــُـكبت ضد شعبنا، وكانت جزءاً هاماً من النظام ليجعلنا نشكك في مصداقية بعض القوى الحزبية التي طالبناها مراراً وتكراراً بأن يقدم المنضمون للثورة إعتذارَهم لشعبنا وإعادة ما اكتسبوه من ثروة للشعب قبل أن نقبل بانضمامهم في الساحات على أن يتمسكوا بأهداف الثورة الشبابية المعلنة وخياراتها السلمية.. لا يمكنُ تفسيرُ تقدُّم القوى القبَــلية والعسكرية على القوى المدَنية المتمثلة بالأحزاب ومنظمات المجتمع المدني سوى بضعف هذه الأحزاب والقوى المدَنية المستقلة التي لم تضطلع بمسؤولياتها ومهامها، وتركت لتلك القوى المعادية لحركة التقدم الإنساني أن تكون في المقدمة وقائدةً للثورة الشبابية السلمية، وهي الثورة التي قال عنها المحللُ والناقدُ السياسي صادق السالمي بأنها لم يعد للشباب منها إلاَّ الاسم بعد أن سيطر عليها الأحزابُ وشيوخُ القبائل والعسكر.
وعلى العموم في ظل الوهن العام في جسد الأحزاب وإن كانت بلا جسد لا يمكن للأحلام أن تحقق، ولا يمكن أن نحلم بدولة مدَنية يأتي بها العسكر، وبمواطنة متساوية يأتي بها قبيلي يدرك بأنه فوق القانون، وسنظل نطالب ونسعى إلى تحقيق أحلامنا المتمثلة بالدولة المدَنية الديمقراطية الحديثة، وبإمكان القبيلي أن يصور المشهد الذي يريده هو، ولا يمكن أن يقنع الملايين بأنه المشهد المرغوب والمحبوب لدى كــُــلّ الشعب، ورغم الحديث المتكرر عن إساءة سهيل للثورة من خلال الترويج والكذب الفاضح، إلاَّ أن القائمين على القناة لم يستوعبوا بعد أن الحقيقة أكبر مما يــصــوّرونه، فالمسيرات والمهرجانات المليونية ليست سوى في القناة وتقديراتها، بينما الواقع يؤكد أنها لا تتجاوز عشرات الآلاف.
وعلى أن الضرر الذي ألحقته سهىل بالثورة لم يتوقف منذ الإعلان عن أسماء وُزراء استقالوا من المناصب الحكومية وسفراء كان معظمها كذباً وافتراءً وخداعاً، تقلب الحقائق رأساً على عقب وتتاجر بدماء الشهداء وتزايد على الجرحى والمصابين، لكن إلى متى ستظل الحقيقة غائبة؟!، وإلى متى سيظل دعاة المدنية محرومين من الظهور الإعلامي ومن حقهم في إنشاء الدولة المدَنية.
ما تطرق إليه النائب البارز في الثورة الشبابية الشعبية سُلطان السامعي من محاولات القبيلة وحميد إعادة إنتاج حاشد وبكيل من جديد لحُــكم الـيَـمَـن، وكأن الـيَـمَـن ليست سوى حاشد وبكيل هو ما شكا منه شبابُ الثورة في الساحات وكذا من سيطرة الإصلاح ومعه القوى القبيلة على الساحات ومحاولات الانفراد بالثورة.. بيد أن صوت الشباب لم يُسمع من قبل قيادات الأحزاب المتواطئة مع القوى المعادية للمدَنية، لكن صوت النائب السامعي فجّر خلافات داخل الأحزاب وداخل المجلس الوطني، باعتبر المكانة التي يحظى بها السامعي من قبل أبناء تعز واليمنيين عموماً، وهو بذلك الحوار عمل على إيصال صوت الشباب في الساحات، كما أكده بعض الشباب في ساحات الاعْــتصَـام.
وفي الأيام الأخيرة كرست حاشد لنفسها دورَ المنقذ للـيَـمَـن والحامي لشباب الثورة دون فهم لمجريات الأحداث، إنْ لم يكنْ غباءً قبَــلياً عسكرياً، فاللواء علي محسن الأحمر وخلالَ لقاء أجراه مع أحد السفراء نهاية الأسبوع المنصرم تحدث عن عودة الرئيس بأنها انتقامية وحقدٌ على الشعب، لتتحول الثورة -من وجهة نظر المراقبين- إلى مجرد أزمة داخل قبيلة حاشد وإن كانت منذ الشهور الأولى لانطلاقتها قد عملت القبيلة على تكريس جُهدها نحو سرقة تضحيات الشباب وثورتهم من خلال إبراز ذلك التصور لخروج الـيَـمَـنيين الحالمين بدولة مدَنية.
علي مُحسن وفي لقاءاته المتواصلة مع السفراء والمفوضين الدوليين يؤكد على التمسك بالخيار السلمي فيما في الواقع شيءٌ آخر.
بيد أن العسكري الراغب في لعب دور مستقبلي لم يقُل للسفراء عن حقيقة انضمامه لثورة الشباب ولم يتحدث عن صراعات حاشد، ولا عن مسؤوليتها في إيصال البلد إلى هذه المرحلة المتأزمة، وفي الأسبوع الماضي نشرت عددٌ من الصحف صور الرئيس وعلي محسن وأولاد الأحمر لتعطي انطباعاً للقراء بأن الخلافات داخل حاشد هي وراء ما يحدث وبأن ما يقال عن الثورة لا وجود لها وبأن المسألة ليست أكثر من خلاف بين أولاد الأحمر وعلي محسن والرئيس لتــُـلغي بذلك مسمى الثورة وخروج الـيَـمَـنيين الناقمين ضد حكم حاشد بعدَ أن شعروا بأن ثورة سبتمبر قد سرقتها حاشد التي كانت المستفيدَ الوَحيد منها ومن الوَحدة الـيَـمَـنية، وهي اليوم تعملُ جاهدةً على أن تكون هي المستفيد مما يسمى بثورة الشباب.
والمؤسفُ جداً أن قيادات الأحزاب تتلقى تعليماتها من شيوخ القبائل في حاشد، ليكونَ صادق الأحمر بمثابة لجنة شؤون الأحزاب، وعلي محسن المفوَّض عنها للتخاطب مع السفراء والوساطات، ربما أن الأمر لا علاقة له بتكتيك من قبل الأحزاب للإستفادة من حاشد في الثورة، بقدر ما هو دليل ضعف وهشاشة ولــَّــدَ حالةً من الإستياء لدى أعضائها ومناصريها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

آخر الأخبار