نقلُ المواجَــهات إلى نهم وَأرحب وَتعز وَأبين لفك الحصار عن الحصَبة وَالفرقة وَجامعة الإيمان
> من المهم التوقفُ عند وصف الشيخ عَبدالقوي غانم للأعمال الإجرامية الدائرة في أرحب وهو يقول بمرارة: "ما يجري في أرحب مأساة حقيقية لا ناقة لأبناء أرحب فيها ولا جمل". وَيشير أن تلك المأساة واحدة من أدوات ووسائل الطامحين في الانقلاب على الشرعية الدستورية وَالوصول إلى السلطة على جماجم الأبرياء..
غانم -وهو احد مشَــايخ المنطقة الملتهبة في أرحب- أفصح عن كثير من تفاصيل وحيثيات العمل الإرهابي المسلح الذي يستهدفُ معسكر ومواقع الحرس الجمهوري، في إطار مخطط هدفه استنزاف قوات الحرس والاستيلاء على البوابة الشمالية للعاصمة.. ومن ثم احتلال المطار ودخول العاصمة صنعاء..
تلك هي القراءة التي قدمها غانم في حوار صحفي أجرته معه أسبوعية "الجمهور" أوضح فيه أن الحربَ العصاباتية التي تستهدفُ مواقعَ الجيش تسببت في قتل وجرح العشرات فضلاً عن تدمير المنازل والمزارع وتشريد المواطنين وإثارة الرعب في نفوس الناس.. على أن أهم ما طرحه الشيخ عَبدالقوي غانم في ذلك الحوار هو الشواهد الدامغة التي أكد من خلالها أن تلك الحرب يقودها ويخطط لها ويمولها ويحشد لها ويتحكم في كــُــلّ تفاصيلها ثلاثة أطراف يتصدرون المشروع الانقلابي برمته هم "أَبناء الأحمر واللواء علي محسن ورجل الدين عبدالمجيد الزنداني"..
<< رصد وتحليل/ أحمد غيلان
فصلٌ من مسلسل الانقلاب
> وما دامت مواجَهاتُ أرحب هي معركة اللحظة وَالمفردة الساخنة وَالفصل القائم من فصول المؤامرة الإنقلابية فمن المهم أن تمر القراءة الحالية بهذه المفردات التي جاءت على لسان شيخ من مشَــايخ أرحب المنكوبة وشخصية اجتماعية مطلعة على كثير من التفاصيل والخبايا ذات الصلة بما يحدث في أرحب وفي عموم الوطن.. وَهي مفرداتٌ جاءت في وقتها لتكمل المعطيات المؤكدة أن ما يدور في أرحب ليس بعيداً عما حدث ويحدث في صنعاء ونهم وأبين وتعز، في إطار مخطط إجرامي فوضوي إرهابي يسعى أصحابُــه لاستنزاف البلد وقوات الجيش وصبر الشعب وإمكانات الوطن والمواطن بإشعال الحرائق وفتح جبهات متعددة تنهك القوات المسلحة والأمن وتركع الإرادة الوطنية ليسهل -بعد ذلك- للانقلابيين الانقضاض على السلطة وابتلاع البلد.
تفرُّد ثلاثي بالمعركة
> هذه المعطيات -أيضاً- تعزز حقيقة أن القيادة "الثلاثية" التي سارع أطرافها في بداية الأزمة إلى ركوب موجه الاحتجاجات الشبابية والسيطرة على كــُــلّ قول وفعل وأثر لشباب الساحات قد وصلوا إلى قناعة كاملة بعدم جدوى العمل السلمي الذي أفسدوه وأخرجوه عن مساره السلمي بقصد أو بدون قصد.. وأعلنت تصرفاتهم وممارساتهم الإجرامية -في الحصبة ونهم وتعز وعند بوابة الفرقة وفي أبين وفي جامع النهدين وفي الحيمة وفي صعدة والجوف وفي غيرها من الأماكن- كــُــلُّ هذه الممارسات المشهودة أعلنت في وقت مبكر عن كفرهم بالعمل السلمي وبثورة الشباب السلمية وبالشباب وأحلامهم الوردية، التي سحقتها جرائم القتل والتخريب والتدمير والتقطع والاغتيال والإرهاب والحصار الجماعي لأبناء الشعب في أقواتهم واحتياجاتهم، بذات الأدوات والوسائل التي قيل ولا يزال يقال أنها أدوات ووسائل لدعم الثورة الشبابية الشعبية، التي أخطأوا بتوقيت سرقتها وأجرموا في حق ساحاتها حينما أغرقوها وأحاطوها بالعمل الحزبي المتطرف.. ووأدوا سلميتها ومشروعيتها بالعمل الإجرامي المسلح الذي أحبطته إرادة الله ثم إرادة الشعب الصامد ويقظة رجال القوات المسلحة والأمن البواسل وحكمة وسعة صدر ورباطة جأش القيادة السياسية.
حماقةٌ مبكرة
> ربما أدرك أَبناء الأحمر وعلي محسن وعبدُالمجيد الزنداني متأخراً أنهم أخطأوا وتهوروا واقترفوا حماقات مبكرة كشفت مخططهم وأسهمت في إحباطه، وأفقدتهم كثيراً من عوامل التفوق الذاتية والموضوعية على المستوى الداخلي والخارجي.. لكن هذا الإدراك المتأخر لم يؤثر على قرار اختيار المواجهة المسلحة التي يعتقدون أن نقل رأس حربتها إلى أرحب تصحيحاً كافياً لأخطاء الخيارات السابقة، وقد يكون هذا التصحيح آخرَ ما لديهم من أوراق المخطط الذي يبدو أنهم استبعدوا من مفرداته أي عمل سياسي.. بعد تيقنهم من خسارة أكيدة في المضمار السياسي على المستويات الداخلية والخارجية.. ولذلك اقتصرت تصحيحاتهم على مفردات المواجهة المسلحة بأدواتها وأزمنتها وأماكنها.. فكانت أرحب أوَّلاً، ونهم ثانياً، وعمران ثالثاً، وربما بعض همدان ومحيطات الفرقة الأولى والحصبة رابعاً..
أرحب ضحية
> ويتضحُ من هذا الترتيب أن هدفَه الأولَ تجنيبُ الحصَبة ومحيطات الفرقة وجامعة الإيمان صدارة المواجهات.. ولا مانع عندهم من أن تكون أرحب أو نهْـم أو أية منطقة أخرى ساحة للمواجهة الأكبر والأهم.. وصحيحٌ أن لمنطقة أرحب ومثلها نهم مقومات خاصة وعواملَ تضعها في صدارة خيارات أصحاب المخطط الإنقلابي، لكن الأهم من كــُــلّ هذه العوامل أن أياً منها ليس فيها منازل لأبناء الحمر ولا مواقع للفرقة وجامعة الإيمان ولا يشكل تدميرها وتشريد أهلها قلقاً لدى الزنداني الذي "لا يأتي إلى أرحب إلا بالكوارث وأسباب الدمار".. وفقاً لما يؤكده أبناء أرحب وقاله صراحة الشيخ عبدالقوي غانم.
بناءٌ على الخطأ
> يعلم الثلاثة أن خطأهم الأول كان واحداً.. وهو الاعتقاد المبكر بهشاشة النظام وضعف مؤسساته وانعدام جماهرية الرئيس وقوة التيار الجارف الذي يستحيل صمود نظام الـيَـمَـن أمامه بعد أن أسقط النظامين "المصري والتونسي" وأوشك -حينذاك- على إسقاط النظام الليبي والنظام البحريني والسوري.. وتلا هذا الخطأ تسابق ثلاثتهم إلى تسجيل حضور مبكر في الساحات لم يكن سوى خطوة أولى لابتلاع المشروع وسرقة النصر المرتقب والسيطرة على الموقف، لصناعة المرحلة الجديدة "التي تلي سقوط النظام" والاستحواذ على كــُــلّ شيء بما في ذلك ثورة الشباب التي لو قدر لها النجاح لكان في صدارة مدعيي ملكيتها وصناعها على محسن وأبناء الأحمر والزنداني..
جُــنونُ السيطرة
> وقد سارع ثلاثتهم لتسجيل أحقيته في ذلك بطريقته.. ولم يكتفوا فقط بتسجيل الحضور والدعم السياسي، ولو أنهم فعلوا ذلك فقط لكانوا خدموا الشباب وأبدوا أقصى درجات حُسن النية إزاء مشروع التغيير وأهداف الشباب المستقلين ومكونات الساحات.. لكنهم تجاوزوا متطلبات الساحات، وقفزوا بأدواتهم وإمكاناتهم لاحتلالها وخلط أوراقها.. ومن ثم السيطرة عليها والبدء في استخدام إمكانات وأدوات العنف -ليس لإكمال الحسم وحسب- بل لسرقة الانتصار الذي رأوه وشيكاً..
الإرهاب الدولي.. فضلاً عن استياء شعبي عام داخل الوطن من تناقض الزنداني الذي اعتبره المواطنون فضيحةً غيرَ مسبوقة أسقطت مكانته التي كانت لدى الناس.. فيما بدأت أنظار الساسة والحقوقيين والأجهزة الاستخباراتية العالمية تتلمس تفاصيلَ ومؤشرات طغيان القوى الدينية المتطرفة على ساحات الاعتصامات.. ليأتي ما سُمي "بيان العلماء" مؤكداً تلك الشكوك ومضيفاً فضيحة جديدة للزنداني الذي اتُّهم هو وقائمة أصحاب البيان بالتدليس والتزوير على مفتي الجمهورية العلامة محمد بن إسماعيل العمراني الذي أعلن براءته من بيان الزنداني وزمرته..
داعيةُ إرهاب
> وبين الخطأ الأول والثاني اختفى الزنداني من الواجهة الأولى لكنه ظهر يمارس مهمة الحشد والتحريض وجمع المقاتلين والمليشيات المسلحة في عمران والجوف ومأرب قبل أن ينتقل إلى أرحب.. وفي هذه الأثناء كانت النتيجة تفجير الحرب في أبين على أيدي عناصر تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية المدعومة من الزنداني وعلي محسن وتجمع الإصلاح الذي ظهر قادته وأبنائهم في صفوف جماعات القاعدة وقتل بعضهم في أبين.. على أن الزنداني الذي تيقن من احتراقه كورقة سياسية أعلن عن كفره بالعمل السياسي السلمي وبالأهداف السياسية التي ترفع شعاراتها في الساحات.. ودعا المطالبين بدولة مدنية إلى "مراجعة دينهم".. مؤكداً أن الخلافة الإسلامية هي قضيته ومحور نضاله الذي حشد ويحشد له المليشيات المسلحة لتغذية مناطق المواجهات من أبين إلى أرحب.
فاتورةُ الجريمة
> حميد الأحمر الذي شارك المعتقدين بحتمية وسُــهولة سقوط النظام في إطار موجة ما سُمِّي "الربيع العربي" استبق الجميع للإعلان عن نفسه زعيماً وداعماً وممولاً لثورة الشباب ولم يتردد عن التلويح بالمليارات التي قال "أنه ينفقها في سبيل الله" ويروى أنه هدد شركاءَه في اللقاء المشترك ولجنة الحوار بكشف حساب سيكون عليهم دفع فاتورته إن هم تراجعوا عن مشروع إسقاط النظام واقتربوا نحو تسوية سياسية سلمية.
إختيارٌ مبكرٌ للمواجهة
> وفي الوقت الذي حرص فيه على التصعيد والتحريض على زحف الساحات لاحتلال المنشآت والمرافق كان لا يألوا جُهداً في الحشد والتسليح داخل العاصمة وخارجها، بل وفي الساحات.. باعتقاد مفاده أن المواجهة المسلحة مطلوبة ليس للحسم الثوري وحسب، بل وللسيطرة التي تلي الحسم الثوري.. وحين تأخر الحسم المطلوب بالزحف استبق حميد الأحمر وإخوانه الزمن، ودشنوا مشروعَ الحسم من الحصَبة، باحتلال كافة مباني الأحياء المحيطة بمنزل والدهم الشيخ الأحمر، ومن ثم احتلال وتدمير ثلاث وزارات "التجارة - السياحة - الإدارة المحلية" بالإضافة لوكالة الأنباء الـيَـمَـنية سبأ ومصلحة المساحة وهيئة مكافحة الجراد والخطوط الـيَـمَـنية وطيران السعيدة.. ومؤسسة المياة.. وهيئة المعاشات ومعسكر النجدة والإطفاء وحديقة الثورة، وفي الخطة كانت مدرجة وزارات الداخلية - الاتصالات - الكهرباء، بالإضافة إلى اللجنة الدائمة والبنك الزراعي وبنك الإنشاء والتعمير.
همَـجيةُ كشفت المستور
> كان حميد الأحمر وإخوانه يتوقعون أن التدشينَ من الحصَبة الذي يؤمِّــنُ لهم احتلالَ أكبر قدر من الوزارات والمنشآت سيقابله اندفاعٌ من ساحة جامعة صنعاء لاحتلال وزارات ومنشآت أُخرى في صنعاء. ويزامنه اندفاعٌ من ساحات تعز وعدن والبيضاء لنفس الغرض.. في حين كان الحشدُ المسلحُ قد شمل عمارات ومبانيَ في منطقة حدة ومحيط دار الرئاسة.. لكن وحشية اندفاع عصابات أَبناء الأحمر في الحصَبة وهمجية التدمير والنهب الذي طال المنشآت على أيديهم كشفت للرأي العام الداخلي والخارجي وللشباب والقوى السياسية في الساحات زيف دعاوى أَبناء الأحمر بأنهم يدعمون الثورة السلمية ويؤيدون قيام دولة مدَنية.. وكان لهذا الواقع أثره في تراجع -بل وإحباط- مشاريع الزحف من الساحات، بل وانسحب كثيرون من المعتصمين إثر ذلك.. وعجز الإصلاحيون عن تنفيذ أي مشروع زحف من الساحات.. وصارت لدى الشباب وعامة الناس قناعة بأن القوة التي استخدمها أَبناء الأحمر في الحصَبة وَحدّة وكذلك قدرتهم على حشد ودعم عصابات القتل والاعتداءات والتقطعات هي نفسها القوة والقدرة الجاهزة لسرقة الثورة وحسم معركة ما بعد سقوط النظام.
نهايةُ السلمية
> تفجيرُ الوضع في الحصَبة كان جريمة بدأت بتشريد وقتل سكان الأحياء المجاورة وأصحاب المحلات، ومرت بقتل عناصر الأمن وحراسات المنشآت وبلغت ذروة الإجرام بتدمير ونهب تلك المنشآت.. على أن هذه الجريمة انعكست سلباً على أَبناء الأحمر وميلشياتهم عندما حسمت أجهزة الدولة أمرَها بتطهير تلك المنشآت، فوجدوا أنفسَهم تحت ضربات قوات الأمن والشرطة وهم في حالة تلبس بجريمة اعتداء على منشآت عامة وخاصة، "أي أنهم بدون غطاء سياسي وفقدوا تعاطف الرأي العام المحلي والدولي وحتى فقدوا تعاطف ومناصرة ساحات الاعتصامات" وَذلك هو الخطأ السياسي.. ويُضافُ إليه خطأ تكتيكي "حربي" يتمثل في اختيار ساحة المواجهة في منزلهم ومحيطه.. الأمرُ الذي يعني -بمقاييس حربية- ترجيحَ هزيمة وخسائر أَبناء الأحمر الذين جعلوا من بيوتهم ومحيطاتها ساحات مواجهة ومراكز قيادة عمل مسلح.
إغتيالُ وطن
> أمَّا جريمة محاولة اغتيال الرئيس وكبار قيادات الدولة في جامع النهدَين فقد كانت أهم وأخطر وأبشع الأوراق التي استخدمت في المشروع الانقلابي.. وبحسب المعلومات والمؤشرات التي ظهرت على السطح فقد اعتمد مخططو ومنفذو الجريمة أربع بدائل لضمان نجاح العملية هي: "متفجرات وشرائح داخل المسجد، صواريخ من أماكن ليست بعيدة عن العمارات والمباني التي استأجروها، منصة كاتيوشا أبو تسع قذائف بندقية عيار (106) وجدت في منزل حميد الأحمر وكانت موجهة إلى منصة السبعين، اثنين مدافع هاون عيار 120 وَ82 كان يتم الضربُ بها من منزل مذحج الأحمر، بالإضافة إلى مليشيات وكمائن في محيط القصر كانت مهمتها ضرب أية سيارة إسعاف تخرج من دار الرئاسة".
هذه المعلوماتُ تسربت بشكل متقطع إلى التداول في الأوساط السياسية والأمنية.. ومعها -وربما على أساسها- جاءت التصريحات الإعلامية الأخيرة لقيادات المؤتمر الشعبي العام التي اتهمت حميد الأحمر مباشرة بأنه رأس حربة المتورطين في محاولة اغتيال الرئيس.. وهي مؤشرات وشواهد تعزز اعتراف مدير مكتب الشيخ صادق لقناة الجزيرة بالضلوع في الجريمة.. كما تؤكد ما علمه الناس يوم الجريمة عن قيادي إصلاحي بشر المصلين في ساحة شارع الستين بانفجار دار الرئاسة.. ولأنها كانت الضربة الأقوى والأخطر والجريمة الأبشع ولم تنجح، فقد اعتقد أَبناء الأحمر وأولهم حميد أن خطوط العودة والتراجع صارت مغلقة أمامه.. ولم يعد بوسعه سوى مواصلة المواجهة التي اختارها مسلحة.. وبدأ يوسعُ من جبهاتها ويحاول تلافيَ أخطاء فصولها الأولى..
رجلُ الهزائم
> اللواء المنشق علي محسن صالح كان واحداً ممن تيقنوا -إبتدءاً- بسهولة وحتمية سُقوط النظام، مُستنداً لشواهد ما حدث في مصر وتونس، فضلاً عن شعور داخلي منكسر بعقدة الهزيمة التي لاحقته على مدار ست سنوات قاد فيها سبعة حروب في صعدة، عجز خلالها عن تحقيق ما يمكن اعتباره نصراً يُعتّد به.. كما عجز عن تقديم ما يبرر انكساراته أو حتى ما يجيب عن تساؤلات متصاعدة عن مشروعية تلك الحروب التي خاضها إبتداءً لمواجهة تمرد مسلح، لكن فصولها الأخيرة أبرزت مفردات وشواهد وعناصر ذات صلة بتيار ديني متطرف تمكن من حضور المعركة تحت جناح علي محسن المعروف بمساندته للتيارات الدينية المتطرفة..
أطماعٌ ظاهرة
> وفضلاً عن ذلك فقد ظهر اللواء علي محسن.. في السنوات العشر الأخيرة مهتماً بجمع الثروات وتملك الأراضي والمشاريع الاستثمارية بطرق مشروعة وغير مشروعة.. وبموازاة ذلك يستغل نفوذه وإمكاناته وما تحت يده من إمكانات الدولة لشراء الولاءات القبلية والعسكرية والسياسية، كــُــلُّ ذلك على حساب أدائه لمهامه كقائد عسكري، تكبدت الوحدات العسكرية التابعة لقيادته نكسات وهزائم متوالية.. بدْءاً بسقوط أرخبيل حُنيش على أيدي قوات ارتيرية بسيطة، وانتهاءً بسبعة حروب في صعدة معظمُ حصادها هزائم وخسائر.. وبين حنيش وصعدة كانت ألوية وكتائب تابعة للفرقة الأولى مدرع والمنطقة العسكرية الشمالية الغربية تُستثمر لاحتلال جبال ومرتفعات وأراضي في صنعاء وعدن وحضرموت وإب والضالع وتعز ومحافظات أخرى.. وبدون أية أهداف عسكرية واضحة قدر وضوح أعمال البسط والتملك للأراضي والمرتفعات والمتاجرة بها من قبل قيادات تلك الألوية الذين تحول كثيرون منهم إلى سماسرة أراضي وباسطين وناهبين.. ما أثار سخط الناس على القوات المسلحة وجيش الـيَـمَـن بشكل عام.
هروبٌ للأمام
> اللواءُ علي محسن سال لــُــعابُــه وبرزت أنيابُه ومطامعُــه بوضوح وهو يشاهد الأوضاعَ في تونس ثم في مصر تؤولُ إلى قيادة الجيش.. وتحرك في داخله الانتماء الخفي للإخوان المسلمين.. وتفقد ما لديه من رصيد في الأموال والممتلكات والولاءات.. وتحسس ما هو متاحٌ من التحالفات.. وحسم أمرَه بالقفز إلى الأمام واستباق الجميع.. فأعد الحشودَ وضمن سقوط أكبر قدر من أوراق النظام المحسوبة عليه ومعها البيان رقم (1) الذي كان مقرراً له أن يُذاع من تلفزيون وإذاعة صنعاء يوم 21 مارس، لولا متغيرات سياسية وعسكرية أحبطت ذلك.. وأجلت إعلان البيان عن موعده إلى أواخر مايو بتحسينات وتعديلات لم تضف شيئاً إلى جدواه سوى تأكيد سقوط المشروع الانقلابي وسقوط دعاوى السلمية.
إنقلابٌ على السلطة وَالساحة
> كان خطأ علي محسن إبتداءاً عدم اكتفائه بإعلان حماية ساحات الاعتصام، بل أضاف "تأييد الثورة السلمية".. وهو ما أظهر حقيقة أنه مشروع انقلاب على النظام وانشقاق عسكري مسلح وفرض سيطرة ووصاية وحصار على الساحات ومشروع "الثورة السلمية" التي فقدت سلميتها أمام الرأي العام وعلى أرض الواقع بدخول علي محسن ومجموعة المبندقين والفاسدين والمتطرفين.. وأتبع ذلك الخطأ بتهوره في جريمة ضرب الوُسطاء عند بوابة الفرقة.. ثم دعم التقطع في الحيمة ونهْم، ومساندة أَبناء الشيخ عبدالله في حرب الحصَبة، والبدء في التخندق والانتشار في محيط الفرقة وساحة جامعة صنعاء وشارعي الستين والخمسين.. وكلُّ هذا كان بالتزامن مع تصريحات إعلامية لناطقين باسم علي محسن أعلنوا استعدادَهم للتضحية بمئات الآلاف من الشباب لإسقاط النظام.. فضلاً عن ممارسات ضباط وجنود الفرقة ضد المواطنين وحتى شباب وشابات ساحة الاعتصام..
ورقةُ "القاعدة"
> وحين أدرك علي محسن أخطاءَه التي أسقطت مشروعه سياسياً وعسكرياً وأضافت إلى رصيده هزيمة.. حرك ثقله الأكبرَ وحلفاءَه الأكثر تطرفاً في أبين تزامناً مع حرب الحصَبة ومواجهة نهم وحشود عمران.. وعسكرة ساحات تعز.. ومن ثم جريمة جامع النهدَين.. لكن هذه الأوراق جميعها لم تحقق له ولشركائه النصرَ الذي حلموا به.. ووجد علي محسن نفسَه محاطاً بكل مقومات الهزيمة والفشل، ومعها سخط شعبي واستعداد جماهيري لمواجَهته، ومواقف سياسية إقليمية ودولية مرتابة من مشروعه وممارساته.. فضلاً عن تذمر في أوساط الجنود والضباط الذين هم تحت قيادته..
القائدُ المنتحر
> وفوقَ كــُــلّ هذا يعلمُ علي محسن كما يعلمُ أيُّ عسكري "أو حتى أي شخص عادي لديه أبجديات الثقافة العسكرية" أن وضعَ علي محسن العسكري المحاط بخنادق ومتارس في منطقة لا تتجاوزُ بضعة كيلومترت هو وضع انهزامي، بل وضع منتحر.. وبالمقابل ثمة شعب منتفض ساخط ومتأهب لأية مواجهة حتى وإن كانت مسلحة ودامية مع علي محسن وشركائه في المشروع الانقلابي وجرائم التقطع والحصار والقتل ودعم الإرهابيين وإشعال الفتن والحرائق والمواجهات التي قتلت وجرحت ودمرت وأرهقت الشعب، كما أرهقت مؤسسات الدولة.. وعلى الجانب الآخر قوات الجيش والأمن الصامدة التي أدرك قادتها وضباطها وأفرادها حجم المؤامرة ضد الوطن والشعب، وعلى القوات المسلحة والأمن ذاتها، ما جعلها على يقين أن مواجَهةَ هذه المؤامرة وأصحابها واجبٌ وطني وديني وإنساني مقدس.
التصحيحُ بالخطأ
> في هذا الخضم يحاولُ اللواءُ علي محسن تصحيحَ أخطائه بجرائم أكبر.. يواصل من خلالها الهروب إلى الأمام بدعم العمل المسلح ضد الجيش والأمن والوطن في أرحب أولاً ونهم ثانياً وتعز ثالثاً، وقد يفتح جبهات أخرى في همدان والحيمة كما هو الحال في أبين..
شركاء في الانتحار
> ما يبدو أكيداً في تفاصيل ما يحدُثُ أن حميد الأحمر وعلي محسن والزنداني أصبحوا يشكلون تكتلاً يتصدر مشروعَ الانقلاب، ويستحوذ على القرار والقول والفعل.. وأن هذا الثلاثي يكفرُ بالثورة السلمية والعمل السلمي.. كما يكفر بأي مشروع لتسوية سياسية.. وأن الثلاثة حريصون على نقل المعركة من محيطاتهم لفك الحصار الذي أحاطوا أنفسهم به في الحصَبة والفرقة وجامعة الإيمان.. وأنهم أجمعوا على التضحية بأرحب وأهلها وكل ما فيها.. كما لديهم الاستعداد للتضحية بتعز وأبين وصنعاء وكل الـيَـمَـن.. ومثلما استهدفوا الوُسطاء المحليين وأفشلوا كــُــلَّ جُهد وطني لإخراج البلاد من الأزمة.. نجدُهم اليومَ يسيرون في اتجاه إحباط جهود الأشقاء والأصدقاء الذين يحرصون على تجنيب الـيَـمَـن مَحرقة حرب أهلية ومواجَهات عنيفة يحفر أخاديدَها ثلاثة الانقلابيين المتطرفين المنتحرين.
على أن كــُــلّ المؤشرات والشواهد تؤكدُ بما لا يدعُ مجالاً للشك أن خط "اللاعودة" الذي يسير فيه هؤلاء لن يوصلهم إلى تحقيق مشروعهم الدموي.. وأنهم إذا ما استمروا في إشعال فتائل المحرقة سيكونون أولَ حطَب لها.. وسيعلمون هُم ومَن يناصرُهم أية نهاية تنتظرُهم على يد الشعب الـيَـمَـني العظيم الذي فاض به الكيلُ من جرائمهم..
0 التعليقات:
إرسال تعليق