دارسة أمريكية من مراكز القرار
قيادة حزب الإصلاح أداة أمريكية لتمرير برامجها في اليمن
عبد الإله حيدر شائع
بينما يستعد اليمنيون باحتفالات غنائية شبابية تستضيف شخصيات غنائية عربية كالفنانة نانسي عجرم لإحياء احتفالات عيد وحدتهم المهددة بالانقراض بعد ثمانية عشر عاما من تحقيقها مع تزايد دعاوى الانفصال؛ يخوض إسلاميو اليمن سجالا داخليا حول الفرق بين الغيرة والتكفير.
ارتفعت وتيرتها حين اعتبر البعض داخل حزب الإصلاح (إخوان مسلمون) أن رفع الصوت ضد مايعتبر فاحشة ومن باب الغيرة على شباب وفتيات الأمة بالمطالبة بإلغاء استضافة المطربين والمطربات لإحياء سهرات ليلية مختلطة في اليمن اعتبروه مؤشرا لعودة خطاب التكفير.
وتعتبر هذه الأصوات المعترضة داخل حزب الإصلاح أن الحفلات الليلية المختلطة فاحشة لانها بمساهمة من الحكومة اليمنية، لذلك هي ترويج للفاحشة بالمال العام وهذا الطرف المعترض غض الطرف عن سهرات غنائية مختلطة ومفتوحة مماثلة لانها كانت بتمويل خاص.
وبينما عبَّرت أصوات في الاصلاح ما تعتبره غيره على الحرمات عبرت قيادات داخل الحزب عن أسفها لهذا الاعتراض معتبره إياه خطاب تكفيري ، وساندت هذا الرأي قيادات في الهيئة العليا ومجلس الشورى للإصلاح بأن هذاالخطاب يتناقض مع ما يقومون به من تسويق أنفسهم للغرب أنهم الإسلام المعتدل.. (بعد أن وصفها حميد الأحمر أنها أشجع امرأة؛ توكل كرمان تعتبر ان الاعتراض على المهرجان الليلي الغنائي المختلط للمطربة أصالة في عدن خطاب تكفيري، بعد ها بأسبوع تم ترقيتها إلى عضوية مجلس شورى الإصلاح؛ الهيئة المركزية للحزب)موقع حزب الإصلاح على النِت-17 مارس 2008.
السجال القائم داخل (الاخوان المسلمون) في اليمن حول المرجعية؛ هل الديمقراطية أم الشريعة الإسلامية؛ أكدته دراسه مهمة قدمها معهد السلام الأمريكي (USIP)الممول من الكونجرس الأمريكي عن وضع الإخوان المسلمون في ثلاث دول عربية؛ الأردن والمغرب واليمن. ونشرت صحيفة الصحوة الناطقة باسم حزب الإصلاح مقتطفات منها في العدد (1097) بتاريخ 27 سبتمبر2007
وقرأت الدراسة هذ الجماعة من خلال ارتباطها في الدول الثلاث ببرنامج الولايات المتحدة الأمريكية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأكدت الدراسة أن أمريكا تقوم بتمويل (المعتدلين في حزب الإصلاح) ودعمهم بالمشورة والتدريب والخبرات، وأنها تستخدم مع المعتدلين السفرللخارج لتوفير أجواء اللقاء بينهم والعلمانيين لتحقيق مزيدا من التقارب والاعتدال، لأن السفر بحسب الدراسة يحقق نتائج أفضل.
ويعتبر معهد السلام الأمريكي محسوبا على اللوبي الصهيوني في أمريكا، والداعم الرئيسي للاحتلال الاسرائيلي في فلسطين، وصاحب التوصيات لتحقيق السلام بإقامة دولة اسرائيل على الاراضي الفلسطينية، ودفع الفلسطينيين إلى قبول ذلك من خلال إرشادهم للتخلي عن العنف (الجهاد).
· معيار التطرف والاعتدال
تأتي الدراسة الأخيرة لمعهد السلام الدولي التي بعنوان –Engaging Islamists and
Promoting Democracy (دمج الإسلاميون وتعزيز الديمقراطية) - تأتي في إطار سلسلة دراسات أجرتها مراكز اتخاذ القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن نجح الشيخ أسامة بن لادن من تطوير شبكة القاعدة حتى بلغت قوتها لإدارة المعركة الدائرة اليوم تحت مسمى حرب الإرهاب أو الحرب الصليبية بحسب توصيف حاكم البيت الأبيض بوش في سبتمبر 2001.
وتقدمت مؤسسة راند التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية والمهتمة برسم السياسات الاستراتيجية لأمريكا بدراسات لاحتواء المسلمين في إطار التوصيف من ليس معنا فهو ضدنا.
وجاءت الدراسة الأولى لمؤسسة راند بعنون العالم الإسلامي بعد الحادي عشر من سبتمبرThe Muslim World After 9/11 قدمت رؤية عامة عن الجماعات الإسلامية وماهية الإسلام في أكثر من 540 صفحة.
جاءت دراسة أكثر تفصيلا بعدها لتضع المسلمين في أربعه تصنيفات بعنوان إسلام ديمقراطي حديث..موارد وشركاء واستراتيجيات - Civil Islam Democratic Partners, Resources, and Strategies-أصوليون، وتقليديون، وحداثيون، وعلمانيون.
أبرزت الدراسة أن الخطر يأتي من الأصوليين وهم الذين يرفضون القيم الغربية، وينشدون خلافة إسلامية تعود بالعالم إلى القرن السابع الميلادي،ويرفضون هيمنة وتشريعات وقوانين المنظمات الدولية، ويحترفون تكنولوجيا العصر وتقنياته.
ووضعت برنامجها لمواجهة الأصوليين على عاتق الأصناف الثلاثة المتبقية؛ المعتدلون وهم الإسلاميون الذي يقبلون بالقيم الغربية ويرون أن الإسلام يتعايش معها، وشددت الدراسة على ضرورة التقريب
بينهم وبين العلمانيين الذين يشكلون طبقة حاكمة لديها النفوذ والتجربة والمال، مع ضرورة الاستفادة من خطاب التقليلديين الديني لكسر خطاب الأصوليين.
وحثت الدراسة على ضرورة دعم الإسلاميين المعتدلين، وتوفير المنابر الدعائية لهم، وطباعة منشوراتهم وكتبهم، وتبنيهم بفتح الإعلام لهم لإيصال رسالتهم التي ستواجه الأصوليين.
ثم جاءت دراسة عقول وقلوب ودولارات بشكل أكثر تفصيلا، تحدثت فيه عن جماعة الإخوان المسلمين كأحد أهم الأطراف التي ستساهم مع البرنامج الأمريكي في كبح جماح الأصوليين، من خلال جمهور الإخوان الواسع بين فئات الشباب، وخطابهم الذي يحمل مفرادات إسلامية.
وجاءت الدراسة الأخيرة لمؤسسة راند لتضع خطة بناء شبكة الإسلاميين المعتدلين عبر العالم، لتوحيد جهودهم بعد اعترافها أن ألأصوليين على رأسهم (تنظيم قاعدة الجهاد بزعامة الشيخ أسامة بن لادن) تمكنوا من بناء شبكة عالمية واسعة وبينهم تواصل فعال.
وحددت الدراسة الأخيرة التي بعنوان Building Moderate Muslim Network – - بناء شبكات إسلامية معتدلة؛ أربع نقاط للتفريق بين المعتدلين والمتطرفين: أولا: القبول بالديمقراطية ، ثانيا: القبولبالمصادر غير المذهبية في تشريع القوانين، ثالثا: حقوق النساء والأقليات الدينية، رابعا: نبذ الإرهاب والعنف غير المشروع.(وفي تصنيفهم أن أعمال المسلمين في فلسطين وأفغانستان والعراق إرهاب، والاحتلال أعماله دفاع عن النفس).
وتضع أمريكا قياس الاعتدال بناء على إجابات عدد من الأسئلة تتركز حول المرجعية التي يستند عليها الفرد والجماعة في تحركاته وبرامجه السياسية والاقتصادية. وهل يؤمن بمرجعية الشرعية الدولية والقانون الدولي والقوانين الجنائية المطروحة حديثا . وهل يقبل بحرية اختيار الدين والردة عن دين الاسلام للدخول في دين اخر، وهل يعترف بحقوق المثلية الجنسية (اللواط) والعلاقات غير المشروعة كحق من حقوق الإنسان وحرية الاختيار. وهل يقبل بحاكمية الشريعة الإسلامية أم يحتكم إلى رأي الأغلبية البشرية في الأنظمة الديمقراطية. وهل يقبل بإقامة الكنائس والمعابد لغير المسلمين في بلاد الإسلام وممارسة طقوسهم بكل حرية، ويقبل بان يكون حاكما عليك أو مسؤولا في المناصب العليا رجلا غير مسلم.
· تحقيق الإندماج مع الاصلاح
وفق المبادىء والتوصيفات السابقة وضع معهد السلام الأمريكي دراسه أكثر تخصيصا Engaging Islamists and Promoting Democracy(دمج الإسلاميون وتعزيز الديمقراطية) على حركات إسلامية بعينها في بلدان حددها كعينات للدراسة مسبقا، كتبتها الباحتة في المعهد (منى يعقوبيان).
وخصصت الدراسة جزءا كبيرا عن الإخوان المسلمين في اليمن (حزب الإصلاح) وبعد أن قدم ملخصا عن جذور حزب الإصلاح أنه امتداد لحركة الإخوان المسلمين التي تأسست عشرينيات القرن الماضي؛ تحدثت عن نوعين من الإسلاميين متطرفين ومعتدلين.
وفق توصيف الدراسة فإن حزب الإصلاح من المعتدلين رغم أن الدراسة أبرزت أن فيه جناج متشدد تم التغلب عليه بمساعدة المعهدالأمريكي.
وقالت الدراسة ان المتطرفين داخل حزب الإصلاح لا يقبلون بالديمقراطية ولابالإندماج بالمنظمات الغربية ولا تنطيق عليهم قيم الاعتدال وفق المقياس الخاص الذي حددته الدراسات السابقة.
ويقر معهد السلام الأمريكي أن تركيبة القبائل والإلتزام بالدين الإسلامي -كما تسميها الدراسة (التطرف)- تقف عوائق أمام المعتدلين داخل حزب الإصلاح، ولذا يجب علينا مساعدة المعتدلين داخل الإصلاح للتغلب على التطرف والمتطرفين
ونسبت الدراسة إلى حزب ا لإصلاح الدور الكبير في ترسيخ القيم التي جاء بها المعهد الأمريكي في الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتحقيق الإندماج مع المنظمات الغربية.
وتزعم الدراسة أن ترسيخ قيم معهد السلام الأمريكي يعود بفضل أن حزب الاصلاح يمتلك قاعدة عريضة. ولديههيكل تنظيمي متطور للغاية، في المدن والأرياف، ويدعو الى اصلاحات ديمقراطيه .
وترصد الدراسة أن حزب الإصلاح انضم الى قوى مع الاحزاب العلمانية، وبصورة رئيسيةالحزب الإشتراكي اليمني(ysp)، و في تشرين الثاني / نوفمبر 2005، قدم حزب الاصلاح (برنامج الإصلاح الشامل) ليصبح جزءا من احزاب اللقاء المشترك (jmp) وهو ائتلاف من ستة أحزاب معارضة.
وقالت الدراسة أن المعهد الديمقراطي الأمريكي يتعامل فقط مع المعتدلين داخل الإصلاح الذين لايعادون الغرب وعلى علاقة وارتباط بالمنظمات الغربية، ونجح في تحقيق الإندماج والشراكة- Engagement with Islah.
وتؤكد الدراسة أن حزب الإصلاح هو خير من يقوم بتنفيذ برنامج المعهد الديمقراطي الأمريكي فهو افضل تنظيم قادر على نشر الإصلاح الديمقراطي.
وتصف الدراسة الحزب الإشتراكي اليمني بأنه علماني نجح المعهد الديمقراطي في تحقيق التعاون بينه وبين المعتدلين في الإصلاح، وأنه أسس وشجع على التعاون الإسلامي-العلماني لتوسيع الاعتدال ومحاصرة التطرف
وقالت الدراسة الأمريكية أن حزب الإصلاح قدم دليلا أخر على تحقيق التوأمة بالسياسة الأمريكية حين صوت في مؤتمره العام الأخير لإسقاط الشيخ عبد المجيد الزنداني المتهم بروابط مع القاعدة .
ونصت الدراسة على أن نتائج الإندماج التي تحققت مع حزب الاصلاح بعد العمل عن كثب لعدة سنوات مع الامريكيين مشجعة، مثل تشجيع مشاركة المراه في الحياة السياسية و قد اسفرت مشاركة المرأة عن نتائج ملموسة.
وتقلل الدراسة من محدودية مشاركة المرأة على مستوى البرلمان بسبب الحضور الضعيف لحزب الإصلاح في البرلمان (46) مقعدا فقط.
وقالت الدراسة أنه رغم ضعف التمثيل النسبي للإصلاح في البرلمان والمجالس المحلية في الحد الأدنى إلا ان استجابة حزب الإصلاح للجهود الأمريكية بعد القياس والفحص من أفضل الذين أبرزوا قدرتهم على تحقيق التعاون الاسلامي - العلماني ، ومستوى التفاعل مع الأمريكين، وزيادة إمكانيه القيام بالمزيد من الاعتدال.
وضربت الدراسة مثلا باللقاء المشترك (jmp) معتبرة أنه من أكبر النجاحات التي حققها معهد السلام الأمريكي بوضع الإئتلاف العلماني-الإسلامي .
ونقلت الدراسة تأكيد من أمين عام الإصلاح عبد الوهاب الأنسي بأن جداول اعمالنا الايديولوجيه تخضع الى شيء واحد اننا جميعا في المشترك، التى تم ادراكنا لأهميته لتحقيق الاصلاح السياسي وانه ضرورة لانقاذ الديمقراطيه في اليمن ووقف البلد من الفساد المستشري
وتختتم الدراسة بالتأكيد على أن إشراك الإسلاميين المعتدلين يأتي في سياق سياسي واسع للمعركة الإيديولوجية في العالم الإسلامي.وينبغي تشجيع الأطراف الإسلامية التي تنبذ العنف وتمارس الديمقراطية لتحقيق توازن للإسلام في الحياة العامة.
وهذه الدراسة رغم أنها شملت ثلاث مناطق ينشط فيها الإسلاميون في المغرب والأردن واليمن، إلا أن الدراسة تؤكد أن حزب الإصلاح في اليمن يمثل اليوم نموذجا ناجحا لإدماج الإسلاميين بالسياسة الأمريكية وتحقيق التوأمة والإندماج.
0 التعليقات:
إرسال تعليق